غزة تحتضر بالماء والملح وتدخل أم الدنيا يوليو 2025
منه عيسي خميس / شبكة اخبار مصر
غزة تحتضر بالماء والملح وتدخل أم الدنيا يوليو 2025
متابعة: منة عيسى خميس
غزة تحتضر بالماء والملح
بينما العالم يكتفي بالمشاهدة، تدخل غزة مرحلة المجاعه الحقيقيه.
الأكل معدوم، والماء النقي نادر، والدواء لا يدخل.

حصار خانق يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، يقطع فيه الغذاء ويمنع الصيد من البحر، ليجرد الفلسطينيين من آخر مصادر بقائهم.

اضطر السكان لشرب مياه مالحة – خليط من ماء البحر والملح – في محاولة لتعويض المعادن التي يفقدها الجسد بسبب الجوع القاتل، ومنع تعفن الأمعاء نتيجة الصيام الإجباري عن الطعام.

هذه الحيلة لم تمنع عنهم الأمراض، بل كانت ملاذًا أخيرًا لأجساد تتآكل ببطء، وأطفال تفقد وعيها جوعًا.
من الشارع المصري: “ازايز بلاستيكية” محمّلة بالبقوليات
وسط هذا المشهد القاتم، تحرك الشعب المصري من تلقاء نفسه، في مشهد نادر جمع بين العفوية والرمزية.
بدأ شباب وبنات، وسيدات ورجال، يملؤون ازايز بلاستيكية بالبقوليات ويكتبون عليها: “من مصر لغزة”، ويلقونها في البحر على أمل أن تصل إلى الشاطئ المحاصر.

حملة عفوية خالصة، نابعة من إحساس عام بالعجز، لكن مشحونة برغبة في المقاومة، ولو بزجاجة عدس تطفو فوق الأمواج. ورغم علم الجميع أن الزجاجات قد لا تصل، لكنها وصلت للقلوب قبل أن تصل للشواطئ، وقالت الكثير في صمت الماء.
الاحتلال يرد بخدعة: تمثيلية “الازايز وصلت”!
مع انتشار الحملة وتعاطف آلاف المصريين معها، قرر الاحتلال الإسرائيلي تشويه الصورة بطريقة ماكرة. فعيّن شخصًا يظهر على أنه فلسطيني، ليخرج في مقطع مصور ويقول: “الازايز البلاستيكية وصلت لغزة، وشكرًا لإخواننا في مصر!”

كان الهدف خبيثًا: تحفيز المصريين للمشاركة بشكل أوسع، وبالتالي سحب كميات ضخمة من البقوليات من السوق المصري، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية داخلية.
ادعاء الاحتلال لم يكن بريئًا، بل مدروس بعناية. فبينما يُمنع الفلسطينيون من الصيد، وتُمنع أي مواد من دخول البحر، لا يُعقل أن تصل ازايز عشوائية للشاطئ!
وليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الاحتلال حيلًا إعلامية مشابهة، فقد سبق أن لجأ لمقاطع مفبركة خلال العدوانات السابقة، لبث الإحباط وضرب الثقة بين الشعوب.
لكن الرواية كانت كافية لإثارة الشكوك، ومحاولة ضرب الثقة بين الشعب المصري ومبادراته.
الحقيقة ظهرت سريعًا.
لا توجد جهة محايدة أكدت وصول الازايز، والفيديوهات المتداولة كانت غير موثقة، في حين أصر الاحتلال على الترويج لها وسط غياب أي منفذ مائي فعّال.
مصر تتحرك رسميًا: قوافل إنسانية عبر رفح
ورغم محاولات التشويه والتضليل، بقيت مصر على موقفها، تتحرك رسميًا لدعم غزة. فبينما كانت الشاحنات متوقفة لأيام بسبب التعنت الإسرائيلي، دخلت صباح 27 يوليو 2025 عشرات الشاحنات المصرية المحمّلة بالغذاء والدواء، عبر معبر رفح البري، بعد تنسيق أمني مع الجانب الإسرائيلي والأمم المتحدة.

الشاحنات احتوت على دقيق وسكر وبقوليات ومعلبات وأدوية عاجلة، وتم السماح لبعضها بالمرور إلى داخل غزة عبر كرم أبو سالم، بعد التفتيش الإسرائيلي الإجباري.

بحسب مصادر رسمية من الهلال الأحمر المصري وهيئة المعابر الفلسطينية، دخلت المساعدات فعليًا إلى جنوب ووسط غزة، وتمت إعادة تشغيل بعض محطات المياه المتوقفة، كما أُعيد تشغيل محطة تحلية لتخدم قرابة 900 ألف فلسطيني، بعد توفير الكهرباء لها.
مصر في قلب القضية

منذ اندلاع الحرب، تعرضت مصر لحملات تشكيك متكررة، تزعم أنها غير معنية بالقضية، رغم أنها كانت ولا تزال من أوائل الدول المدافعة عن غزة.
من فتح المعبر، إلى استضافة الوفود، وصولًا إلى إرسال القوافل، لم تغب القاهرة عن المشهد، مهما حاول المغرضون تشويه صورتها.
الرد المصري لم يكن بالكلام، بل بالأفعال. فمن “ازازة بلاستيك” ألقتها يد مصرية إلى شاحنة محمّلة بالأمل تعبر رفح، تؤكد مصر أنها تقف حيث يجب أن تكون: مع الإنسان قبل السياسة، مع الحياة قبل الحسابات.
غزة لم تعد تبحث عن شعارات.
هي تبحث عن الأمل في كل شيء.
في زجاجة بلاستيكية، في شاحنة غذاء، في يد تمتد ولا تتردد.
ما بين من شرب الماء والملح ليعيش، ومن ملأ زجاجة بعدس ورماها من شاطئ العريش، هناك خيط مشترك: الإنسانية لا تموت.
ومصر – رغم أزماتها – كانت ولا تزال جزءًا من هذا الخيط.
التعليقات مغلقة.