شبكة أخبار مصر الأن : ENN
بكل فخر و إعتزاز : بوابة أخبار مصر الأولى

مأساة الدقهلية: طالب يقتل زميله بمفك… جرس إنذار في وجه المجتمع التربوي

دماء على المقاعد وصدمة فى القلوب

مأساة الدقهلية: طالب يقتل زميله بمفك… جرس إنذار في وجه المجتمع التربوي

بقلم دكتورة مرفت عصر

بقلم دكتورة مرفت عصر
بقلم دكتورة مرفت عصر

لم تكن حادثة الطالب الذي قتل زميله بمفك داخل إحدى مدارس محافظة الدقهلية مجرد خبر عابر يضاف إلى سجلات الحوادث اليومية، بل كانت صدمة مجتمعية مؤلمة أعادت طرح تساؤلات كثيرة حول ما يجري خلف جدران المؤسسات التعليمية، وما تخفيه نفوس أبنائنا من ضغوط وغضب مكبوت.

في مشهد مأساوي، تحوّلت مشاجرة عابرة بين طالبين إلى جريمة دامية أنهت حياة أحدهما في لحظة طيش، لتكتب فصلًا جديدًا من فصول العنف المتصاعد في المدارس المصرية.

إن هذه الحادثة لم تهزّ الدقهلية وحدها، بل هزّت ضمير المجتمع بأكمله لأن ما حدث لم يكن وليد لحظة غضب فحسب، بل نتاج منظومة متكاملة من الإهمال التربوي، وضعف الرقابة، وغياب الوعي الأسري. فحين يحمل طالب في مقتبل العمر أداة حادة داخل حقيبته المدرسية، فإن الخطر لم يعد داخل الفصل فقط، بل تسلّل إلى البيت، والشارع، والمجتمع كله.

تلك الجريمة المؤسفة تضعنا أمام تساؤل كبير: كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ كيف فقدت المدرسة دورها كمأمن تربوي لتتحول إلى ساحة للانتقام وردّ الكرامة؟ وهل يكفي أن نُدين ونبكي، أم أن الوقت قد حان لمراجعة حقيقية لقيمنا وأساليب تنشئتنا؟

دماء على المقاعد وصدمة فى القلوب
دماء على المقاعد وصدمة فى القلوب

 البداية: مشاجرة عابرة تنتهي بجريمة

لم يكن أحد من زملاء الطالبين بمدرسة قرية *الحصص* التابعة لمركز *شربين بمحافظة الدقهلية* يتخيّل أن مزاحًا بسيطًا بين طفلين في عمر الزهور سيتحوّل إلى مشهد مأساوي يهزّ الضمير الإنساني.

بدأت القصة برشّ مياه بين طالبين داخل المدرسة سرعان ما تطور إلى مشادة كلامية، ثم إلى مشاجرة عنيفة. في لحظة غضب، فقد أحدهما السيطرة، فأخرج “مفكًّا” من حقيبته وسدّد ضربة قاتلة إلى رأس زميله **زياد السعيد علي الشافعي** (14 عامًا)، لتتحوّل المدرسة إلى ساحة مأساة، ويُفارق زياد الحياة متأثرًا بإصابته.

 المجتمع في صدمة :-

أصابت الواقعة الوسطَ التعليمي بالذهول، وأثارت موجة من الحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل كثيرون:-

كيف وصل العنف إلى قلوب طلاب في هذه السن المبكرة؟ وأين كانت المدرسة حين تحوّل اللعب إلى جريمة؟

كما عبّر أولياء الأمور عن قلقهم من غياب الانضباط المدرسي، مطالبين بتشديد الرقابة داخل المدارس لحماية أبنائهم.

مأساة الدقهلية
دماء على المقاعد وصدمة فى القلوب

تحليل تربوي ونفسي :- 

يرى د. محمد عبد القادر أستاذ علم النفس التربوي:

أن ما حدث ليس صدفة، بل نتيجة تراكمات من الإهمال السلوكي. عندما تغيب ثقافة الحوار ويضعف دور الإرشاد، يصبح العنف وسيلة للتعبير عن الغضب.”

وتؤكد د. هالة توفيق خبيرة الإرشاد النفسي أن:

 المراهق في هذه المرحلة يحتاج إلى من يسمعه ويفهمه. إذا لم يجد من يرشده، سيبحث عن وسيلة خاطئة ليثبت ذاته.

 أزمة أعمق من حادثة :-

حادث الدقهلية ليس مجرد شجار بين طالبين، بل مرآة لأزمة تربوية متفاقمة.

تزايد مظاهر العنف اللفظي والجسدي في المدارس المصرية خلال السنوات الأخيرة يشير إلى خلل في منظومة القيم، وضرورة إعادة النظر في دور المدرسة كمؤسسة تربوية قبل أن تكون تعليمية.

ويرى خبراء التربية أن غياب الأنشطة الهادفة، وضعف العلاقة بين المعلم والطالب، وانتشار المحتوى العنيف على وسائل التواصل الاجتماعي كلها عوامل ساهمت في نشر ثقافة الغضب السريع والعنف.

زياد البراءة
                           زياد البراءة

من المسؤول؟ 

حين تحوّل مزاح بين طالبين إلى جريمة قتل مروعة باستخدام مفك، لتكشف عن أزمة تربوية عميقة تستدعي مراجعة شاملة لدور المدرسة والأسرة في حماية النشء من العنف والانفعال غير المنضبط هل 

الأسرة: لأنها البيئة الأولى التي تشكّل شخصية الطفل وتغرس بداخله مفهوم التسامح أو العدوان.

المدرسة: لأنها مسؤولة عن اكتشاف السلوكيات العدوانية مبكرًا قبل أن تتطور.

الإعلام : لأنه يقدّم أحيانًا نماذج سلبية تروّج لفكرة القوة بالعنف.

نحو بيئة مدرسية آمنةمن أهم المقترحات:

يرى المختصون أن الحل لا يكمن في العقاب فقط، بل في بناء منظومة تربوية وقائية.

  1. فعيل دور الإرشاد النفسي والتربوي في كل مدرسة بشكل منتظم.
  2. تدريس حصص خاصة بالسلوك الإيجابي وإدارة الغضب وحل النزاعات.
  3. تفتيش الحقائب المدرسية بانتظام لمنع دخول أي أدوات حادة.
  4. إشراك أولياء الأمور في متابعة سلوك أبنائهم وتقديم الدعم النفسي لهم.
  5. تنظيم حملات توعية وطنية لمكافحة التنمّر والعنف في المدارس.

كلمة أخيرة :-

رحل الطفل زياد تاركًا خلفه ألمًا لا يُحتمل، وجرحًا في ضمير المجتمع بأسره.

لكن الحادثة – رغم قسوتها – يجب أن تكون جرس إنذار حقيقيًا يعيد للمدرسة دورها الأخلاقي والإنساني.

“كل مفكٍّ أو أله حادة تدخل المدرسة دون وعي… هى رصاصة في قلب المستقبل.”

وأرى أنه في زمنٍ أصبحت فيه المشاعر سريعة الاشتعال، والأيدي أسرع من العقول، نحن بحاجة إلى ثورة تربوية هادئة تُعيد الإنسان إلى إنسانيته.

فالمجتمع الذي لا يحتضن أبناءه في مدارس آمنة، يُسلِّمهم تدريجيًا إلى المجهول.

ولعل مأساة زياد تكون بداية مراجعة حقيقية لمفهوم التربية…

تربية لا تُلقّن فقط، بل تُصغي، تُهذِّب، وتزرع في القلوب رحمةً قبل أن تزرع في العقول علمًا.

أسئلة للنقاش شاركنا رأيك فى التعليقات :-

    1-هل ترى ان المناهج الحالية تساهم فى تهذيب سلوك الطلاب ام تغفل الجانب الاخلاقى ؟

    2-هل تحوّلت مدارسنا من بيئة للتعلّم إلى ساحات صراع وعنف لفظي وجسدي؟

    3- أين دور الأسرة في غرس قيم التسامح وضبط السلوك قبل أن يصل الأبناء إلى حافة الانفجار؟

    4-هل المناهج الدراسية الحالية تهتم ببناء الشخصية الإنسانية أم تكتفي بالحشو الأكاديمي؟

    5- هل تُقدّم المدارس دعمًا نفسيًا وتربويًا حقيقيًا للطلاب أم تتركهم يواجهون ضغوطهم وحدهم؟

   6-من المسؤول عن تصاعد لغة العنف بين المراهقين: الإعلام، أم غياب القدوة، أم ضعف الوعي الأسري؟

 

 

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد