اشتعال جبهة الشرق الأوسط: صراع إيراني–إسرائيلي يتصاعد 20 يونيو
متابعة: منة عيسى خميس
تتسارع وتيرة التصعيد بين إيران وإسرائيل بصورة تنذر بتغيير جذري في طبيعة الصراع الإقليمي، بعد تبادل ضربات عسكرية مباشرة وغير مسبوقة، استهدفت مواقع نووية ومدنية في كلا البلدين.
وبينما تتمسك إسرائيل بسياستها الهجومية لردع التهديد النووي الإيراني، ترد طهران بضربات صاروخية مكثفة وتدخل رقمي شامل، وسط خشية دولية من اتساع رقعة الحرب وخروجها عن السيطرة.
إيران تضرب الداخل الإسرائيلي: مستشفى صوروكا تحت النار
في 19 يونيو الجاري، أعلنت إسرائيل عن إصابة عشرات المدنيين وتدمير أجزاء من مستشفى “صوروكا” في بئر السبع، إثر ضربة صاروخية إيرانية غير مسبوقة استهدفت جنوب ووسط البلاد.
ووفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”، فإن الهجوم الإيراني شمل أكثر من 100 صاروخ، بينها صواريخ باليستية متطورة من طراز “سجّيل” و”قيام”، أسقط بعضها على تل أبيب ورمات غان وهرتسيليا.
القبة الحديدية فشلت في اعتراض جزء كبير من الهجوم، ما كشف عن نقاط ضعف خطيرة في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي.
وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، وصف الهجوم بأنه “جريمة حرب”، متهمًا المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بالمسؤولية المباشرة، مهددًا برد شخصي واستهدافه سياسيًا وعسكريًا، فيما وصفت رئاسة الحكومة الهجوم بأنه “تجاوز لكل الخطوط الحمراء”.
الرد الإسرائيلي: هجوم على المنشآت النووية الإيرانية
لم تنتظر إسرائيل طويلًا، إذ شنت غارات جوية في اليوم التالي استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، من بينها:
مفاعل آراك للماء الثقيل،
منشآت نطنز لتخصيب اليورانيوم،
موقع فوردو تحت الأرض،
محطة بوشهر النووية، وهي الموقع النووي المدني الوحيد العامل في إيران.
اشتعال جبهة الشرق الأوسط: صراع إيراني–إسرائيلي يتصاعد 20 يونيو
الهجوم على بوشهر أثار جدلًا واسعًا، خاصة لكونه يخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويعمل بخبرات روسية، مما قد يشكّل احتكاكًا دبلوماسيًا مع موسكو، ويزيد من احتمالية تدخل دولي مباشر في الصراع.
الجيش الإسرائيلي وصف الضربات بأنها “عملية دقيقة هدفها إنهاء البرنامج النووي العسكري الإيراني”، مؤكدًا أن طهران أصبحت قريبة جدًا من امتلاك سلاح نووي، وهو “أمر لن تسمح به إسرائيل بأي حال”.
خسائر بشرية ومادية جسيمة في كلا الجانبين
الحرب المباشرة بين البلدين خلفت خلال الأيام الأخيرة ما لا يقل عن 639 قتيلًا في إيران، معظمهم في محيط نطنز وآراك وأصفهان، بينهم موظفون في الحرس الثوري والعاملون في المجال النووي، بحسب التقديرات الغربية.
في المقابل، لقي 24 إسرائيليًا مصرعهم وأُصيب العشرات، بينهم أطفال ونساء، نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية، كما لحقت أضرار كبيرة بالبنية التحتية في الجنوب والوسط الإسرائيلي.
الإعلام تحت القصف: ضرب محطة رسمية إيرانية
في ضربة رمزية، قصفت إسرائيل مبنى قناة “IRINN” الرسمية الإيرانية أثناء بث مباشر من العاصمة طهران، ما أسفر عن مقتل إعلامي واحد على الأقل وإصابة عدة موظفين.
إيران وصفت الضربة بأنها “محاولة لإسكات صوت المقاومة”، فيما قالت الحكومة الإسرائيلية إنها استهدفت “أداة دعاية للنظام”.
طهران تحت الحصار: انقطاع الإنترنت وموجات نزوح
وفي مؤشر على تصاعد الضغط الداخلي، أعلنت السلطات الإيرانية عن قطع شبه كامل للإنترنت في العاصمة طهران ومدن أخرى، منذ 17 يونيو، في محاولة للسيطرة على تدفق المعلومات، وسط تزايد الغضب الشعبي.
صحيفة “شرق” الإيرانية المعارضة كشفت عن موجات نزوح كبيرة من العاصمة نحو المحافظات الشمالية مثل جيلان وألبورز، مع تسجيل أكثر من 100 ألف مغادر في يومين.
بعض المدن شهدت نقصًا في الوقود، وازدحامًا خانقًا على الطرق، ما دفع السلطات المحلية لتقييد حركة السيارات التي تحمل لوحات طهران.
“الموساد” داخل إيران: عمليات سرية متقدمة
كشفت مصادر غربية أن جهاز “الموساد” الإسرائيلي تمكن من إقامة قاعدة سرية للطائرات دون طيار داخل الأراضي الإيرانية، مستخدمًا مسيّرات مفخخة لاستهداف مستودعات ذخيرة ومواقع صاروخية تابعة للحرس الثوري، ما يعكس تطورًا خطيرًا في مسرح العمليات ونقل المواجهة إلى قلب إيران.
ويُعد هذا أول اعتراف ضمني بوجود عمليات تخريبية إسرائيلية منتظمة داخل إيران، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام غربية “تحولًا استراتيجيًا” نحو الحرب المفتوحة.
الداخل الإسرائيلي: التفاف سياسي غير مسبوق
اشتعال جبهة الشرق الأوسط: صراع إيراني–إسرائيلي يتصاعد 20 يونيو
رغم الانقسام الحاد الذي شهدته إسرائيل خلال الأشهر الماضية بسبب ملف غزة، فإن الضربات الإيرانية أعادت توحيد الشارع السياسي، إذ أعلن كل من بيني غانتس وأفيغدور ليبرمان دعمهما الكامل لحكومة نتنياهو في مواجهة “التهديد الإيراني الوجودي”.
استطلاعات الرأي أظهرت تأييدًا شعبيًا واسعًا داخل المجتمع الإسرائيلي لرد الفعل العسكري، بنسبة بلغت 83% بين اليهود، بينما لم تتجاوز نسبة الدعم 12% بين المواطنين العرب في إسرائيل.
الموقف الأمريكي: دعم مشروط وحذر من التصعيد
في الولايات المتحدة، أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب أن إيران أصبحت “قريبة جدًا من إنتاج قنبلة نووية”، ملوّحًا بإمكانية التدخل العسكري إذا تطلّب الأمر، شرط حصوله على تفويض من الكونغرس.
في المقابل، اكتفت إدارة بايدن الحالية بتحذير طهران من استهداف المصالح الأمريكية في العراق وسوريا، وأعلنت حالة تأهب في القواعد العسكرية المنتشرة بالمنطقة، دون إصدار أوامر بعمليات هجومية حتى اللحظة.
تحركات دولية… ووساطات خلف الكواليس
القلق الدولي من التصعيد دفع عددًا من الدول إلى فتح قنوات وساطة، أبرزها قطر وسلطنة عمان، بالإضافة إلى فرنسا وسويسرا التي تستضيف مباحثات طارئة في جنيف.
روسيا والصين أبدتا قلقًا بالغًا من الهجوم على محطة بوشهر، واعتبرتاه تجاوزًا خطيرًا قد يُقوّض أي فرصة لإحياء الاتفاق النووي مع طهران.
فيما تدفع أوروبا باتجاه تهدئة سريعة للحفاظ على استقرار أسعار الطاقة، التي بدأت ترتفع مع تصاعد الضربات، لا تزال الوقائع على الأرض تشير إلى استمرار المواجهة وتوسعها في مسارات جديدة.
حرب الجيل الخامس: المعلومات والسلاح والسيطرة
لا يقتصر الصراع الحالي على الضربات العسكرية، بل يمتد إلى مستويات أعمق من “الحرب الهجينة”، حيث تتداخل الأسلحة التقليدية مع الحرب النفسية والهجمات السيبرانية وقطع الإنترنت، مما يجعل الحرب أكثر تعقيدًا وتداخلاً من أي وقت مضى.
ويبدو أن كلا الطرفين مستعد للمضي قدمًا في لعبة عض الأصابع، دون مؤشرات على تراجع أو تسوية قريبة، ما يُنذر بمرحلة دامية قد تمتد إلى دول الجوار، وتهدد الأمن الإقليمي والدولي.
بينما تحاول أطراف دولية احتواء الأزمة، تدور رحى معركة حقيقية بين إيران وإسرائيل على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني، في مشهد يُنذر بانفجار إقليمي، قد يكون الأكبر منذ حرب الخليج.
تتصاعد الدعوات للحل السياسي، لكن رائحة البارود تسيطر على المشهد، و”الخطوط الحمراء” لم تعد موجودة.
هل نحن أمام حرب شاملة… أم أمام صراع مفتوح بلا نهاية قريبة؟