جوزيف سعد يكتب..”عروس الصعيد” في حاجة إلي المسح الاجتماعي والتربوي 

جوزيف سعد يكتب .. “عروس الصعيد” في حاجة إلي المسح الاجتماعي والتربوي 

بقلم / جوزيف سعد – شبكة أخبار مصر الآن 

 

 

البنية الفكرية والوعي البشري درب التطور والتحضر الحقيقي للشعوب

 

 

المسح الاجتماعي والتربوي هو منهجية بحثية وصفية تستخدم لجمع وتحليل البيانات من عينة أو مجتمع معين لفهم الظواهر الاجتماعية والتربوية ، بهدف وصف الواقع الحالي وتحديد ما به من مشكلات سلوكية و ظواهر اجتماعية حادة تحاط بفئة سكانية بعينها أو جماعة أفراد

وذلك لأمكانية وضع حلول و بدائل مقترحة لها بعد الفحص والتحليل الدقيق من منظور سيكوسوسيولوجي” نفس اجتماعي” ، ويمكن أن يشمل جمع معلومات عن الظروف المعيشية والاجتماعية والتعليمية لفئة السكان ، مع استخدام أدوات مثل الاستبيانات والمقابلات و الملاحظة . 

تُتبع بعض المناهج البحثية لدراسة الظواهر في عملية المسح الاجتماعي والتربوي لفئة أو جماعة أو  قرية أو محافظة

و تتضمن أهم المناهج الرئيسية المستخدمة في المسح الاجتماعي وهو المنهج الوصفي (المُستخدم بشكل أساسي لتجميع البيانات حول الظواهر الحالية) وأدواته التطبيقية مثل الاستبيان والمقابلة والملاحظة.

 و تُستخدم مناهج أخرى مساعدة مثل المنهج التاريخي والمنهج التجريبي في بعض الدراسات المتكاملة لظواهر القرى أو المحافظات ، وايضا يستخدم  منهج دراسة الحالة ، وخلافة حزمة من المناهج والبحوث السريعة والممنهجة

بحيث يؤهلنا المنهج المسحي في جوهره  على دراسة الظواهر في وضعها الطبيعي والاعتيادي دون تزييف أو تكلييف في أتاحة تطبيقها علي القرية أو المدينة بصورة سهلة ومنظمة ومسجلة وتحليل شامل  لبياناتها 

جوزيف سعد يكتب .. “عروس الصعيد” في حاجة إلي المسح الاجتماعي والتربوي 

 

نعم وقد سبق وطُبق المسح الاجتماعي لمحافظة المنيا ، ولكن بهدف مبادرة حياة كريمة ، حيث نُفذت مؤسسات مثل مؤسسة مصر الخير مسحاً شاملًا لعدد من القرى الأكثر احتياج في إطار مبادرة حياة كريمة.  وكان يشير هذا إلى وجود حاجة لتقييم الوضع الاجتماعي في المحافظة لتحديد المستحقين للدعم وتوجية المبادرات بشكل فعال  

حيث قامت وقتها  مؤسسة مصر الخير، بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي، بتنفيذ مسح شامل لـ 13 قرية في المنيا

 وكان الهدف وقتها هو تحديد القرى الأكثر احتياجا في المحافظة ضمن القرى الأكثر طلب على مستوى الجمهورية، وذلك لتوجيه المبادرات الحكومية والمجتمعية نحوها ، وقد أتي هذا المسح في إطار مبادرة “حياة كريمة”، التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة الفئات الأكثر عوز في المحافظات 

ولكن الذي نريده الأن من مسح هو خارج نطاق الحاجات والاحتياجات و خارج إطار تحسين المعيشة، حيث يتعلق بالمسح السيكوسوسيولوجي (النفسي الاجتماعي والتربوي) وعن النواحي الثقافية والتعليمية بشأن موروثات الأفكار ، خاصة أن الغالب من محافظات وقرى الصعيد تفتقر الكثير والحديث عن هذا الصدد  

 

و لنجد أن محافظة المنيا في مشهد غريب عجيب ضمن أكثر محافظات مصر طارده لسكانها القاطنين بها حيث ترتفع بها نسبة الهجرة إلي مستوي حد الهجرة غير الشرعية ، بخلاف إنخفاض نسبة التعليم بالفئات العمرية الكبيرة والمتوسطة

 تتميز أغلب مراكز وقرى المحافظة بالطابع الريفي و الزراعي وتبتعد عن الطابع الحضري أو شكل المدينة العملاقة ، واغلب شبابها القائمين بها غير راغبين بالعمل في الزراعة التي تحتل الحظ الأوفر  والنصيب الأول في فرص العمل ، لذا الهجرة منها وضع اضطراري لقلة فرص العمل المقتصرة علي زراعة الأراضي 

جوزيف سعد يكتب .. “عروس الصعيد” في حاجة إلي المسح الاجتماعي والتربوي 

 

بالإضافة إلى تاريخ الحوادث والمشاحنات الطائفية واللغة العنصرية التي لن تنتهي بعد ، وتُعد في وضع متجدد ومستمر  ، لنجدها في كواليس ودهاليز الأحاديث بين أفراد سكان قري المحافظة بشكل متداول

 بجانب ما تحمله المحافظة عن سجلها الجنائي من سلوكيات العنف ومستوي بشاعة وتعدد الجريمة المتنوعة ما بين فئة العمر و نوع الجنس ، وتلاحق تكرارها من حين لآخر باشكال مختلفة

ونقيض ذلك نجد تاريخ المنيا غني بالأحداث الهامة والحضارية حيث تلقب بعروس الصعيد ، بدءاً من عصر ما قبل الأسرات، مرورا بكونها عاصمة الملك أخناتون ، حيث مركزا دينياً هاماً في العصور الفرعونية واليونانية والرومانية ، فضلاً و وصولًا إلى دورها الوطني في ثورة 1919 ومكانتها الهامة كمركز حضاري وديني حديث ، وكبقعة أرضية مصرية عزيزة وطاقة سكانية منتجة 

 

 المنيا مثل أي محافظة ممكن تستفيد من جهود اجتماعية وتربوية تبذل بشكل أكبر من الوضع والجهود القائمة ، بدورها تُحسن من أوضاعها ،  خصوصاً في ما يتعلق بالتوعية والوعي وإثارة الحراك الثقافي والاجتماعي معاً ، ومحاربة العنف والطائفية وتوفير فرص أفضل للشباب ومكافحة اشكال الهجرة و معالجتها التي تعمل علي التفريغ السكاني لقري ومراكز المحافظة

المسح الاجتماعي والتربوي ممكن أن  يكون خطوة هامة بالنسبة لمحافظة بحجم محافظة المنيا في المكانة الجغرافية والتاريخية لمصر  والتعداد السكاني والإنتاج المتنوع 

ولذلك علينا الإهتمام و الإلمام بما تتعرض له المحافظة من قصور وأهمال في تنمية البنية البشرية الفكرية و السلوكية أولاً ، قبل البنية التحتية من الاحتياجات والإنشاءات ، فالوعي البشري درب التطور والتحضر