« الإدمان » ذوبان جليدي لحياتك إذا وقعت في خيوطه
المدمن ليس مجرم ولكنه مريض و الأعتراف بالأضطراب النفسي خطوة بارزة في رحلة التعافي .. « أحقية المواطن إلي الأرشاد النفسي والاجتماعي ضرورة لتحقيق حضارية المجتمع »
« الإدمان » ذوبان جليدي لحياتك إذا وقعت في خيوطه
جوزيف سعد
« شجاعة الأعتراف بالضعف هي بداية أعادة الثقة بالنفس وتعزيز الأرادة » وهكذا مايفتقده الشخص المدمن من حولنا الي تلك الرؤية من القيمة الذاتية ، باحثاً عنها بشتي الطرق للتخلص من قوقعة الحيرة والأنتشال بما فيه أو تفكيره المتردد نحو الأقدام إلي رحلة العلاج والتعافي من أثار معاناة الإدمان النفسية والجسدية والأجتماعية والأقتصادية ، ووعي الأقران المحيطين بالمدمن إلي تلك الرؤية قد يكون بمثابة علاجه ، و تشجيعه علي أرادة الأعتراف الذاتي بالمشكلة والأقدام إلي العلاج وأقناعه بما أنت فيه ليس وصمة عار عليك أو علينا أو إلي عائلتك وأسرتك ، فالأعتراف بالخطأ فضيلة .
المدمن يدرك أنه أسير المخدر ويعاني الصراع بين معاناه تركه وبين الأستمرار به الي نفق مظلم قد لا يعي مداه أو يعي ولكنه يحقق له الأستقرار والأتزان الوقتي و اللحظي ليصل به المطاف إلي مرحلة الأستسلام في الأستمرار .
التواصل مع الطبيب النفسي المختص أمر ضروري لبحث حالة المدمن وتشخيصه من قبل أقرانه أو المحيطين به ، في كيفية التعامل مع الشخص المتعاطي وطبيعة البيئة والظروف التي يعيش فيها ، لتقديم العون والمساعدة لتخطي عقبة الإدمان والأقلاع عن تناول المخدر من واقع خطة العلاج المناسبة التي يضعها الطبيب المعالج بعد بحثه للحالة وفق عده أعتبارات منها :-
نوع المخدر
مقدار الجرعة
مدة فترة التعاطي
الدافع إلي الإدمان
الأثار الجسديةو النفسية والاجتماعية الناتجة
طبيعة الأقران والوسط البيئي والأجتماعي للمدمن
ماهو الإدمان ؟
هو الأعتماد والأعتياد علي حالة فسيولوجية عضوية وحالة سيكولوجية نفسية في تناول مادة معينة، مع الأستمرار والشغف في الحصول عليها عند فقدان الجسم لها لتحقيق التوازن الجسدي والنفسي والعقلي، ومايترتب عن ذلك من أثار ضارة جسيمة علي مستوي الفرد المدمن والأسرة والمجتمع علي مدي ليس ببعيد
أسباب الإدمان
سبب نفسي
_ضعف طبيعة الصلابة النفسية والوجدانية للفرد ومحاولته العشوائية للتخلص من أعراض الضغوط النفسية كالقلق والأكتئاب وتحقيق أتزان الحالة المزاجية
_أستجابة للصدمات التي يتعرض لها الفرد كمحاولة للهروب والأنسحاب منها
_ حب الاستطلاع والتقمص بدافع الحماسة والتجربة من قبل الفرد وخاصة الشباب
_تحقيق الشعور الزائف بالثقة بالنفس
سبب عضوي أو جسدي
_الرغبة في فقدان الأحساس بالأرهاق في تحمل المشقات وأداء الأعمال وتعزيز النشاط والحيوية المؤقت تحت تأثير المخدر
_أستجابة خاطئة لعلاج آلام بعض الأمراض المزمنة بالجسم
_الأعتقاد المشوه والمزيف في تحقيق الرغبة الجنسية عند التعاطي
سبب أجتماعي وثقافي
_خلل التنشئة الأجتماعية «الأسرة» بجانب طبيعة العلاقات الأجتماعية المحيطة «رفقاء السوء من الأصدقاء» أو أن أحد أفراد الأسرة أو العمل أو الجار مدمن ، وبذلك تنتقل فكرة الإدمان بفعل قانون الأزاحة السلوكية
_معوقات وتحديات الأهداف الاجتماعية الخاصة بالفرد كتأخر الزواج وفقدان فرص العمل وغير ذلك ، سبباً لأقبال الفرد الي التعاطي
_الأحياء والعشوائيات السكنية ومابها من قصور الوعي الثقافي ، تصبح بيئة خصبة لنمو أنتشار فكرة الإدمان و رواج المخدرات ، وظهور الظواهر والمشكلات النفسية والاجتماعية بها ، ولذا لجأت الدولة المصرية لأهدافها في خطط الأعداد بقيادة الرئيس الفريد «عبد الفتاح السيسي» إلي أزالة الأحياء العشوائية وتطويرها لتحقيق حياة كريمة للأسرة داخل المجتمع المصري .
_ غياب الوعي والتوعية التربوية من بعض الأسر والمؤسسات إلي الأبناء والطلاب من وقعهم في فخ الإدمان وأنسياقهم فريسة لمروجي المواد المخدرة ، إلي جانب الأنفصال وعدم التواصل أو التفاعل مع مشكلات وقضايا الشباب والمراهقين
_غياب الأهتمام بثقافة برامج الأرشاد النفسي والاجتماعي من قبل المواطنين في المجتمع
« الإدمان » ذوبان جليدي لحياتك إذا وقعت في خيوطه
سمات الشخص المدمن أو المتعاطي
يؤدي تعاطي المخدرات إلي تغيرات كثيرة بالجسم والجهاز العصبي المركزي والدماغ الذي ينتج عنه توقف أو أختلال في وظائف المخ المسؤولة عن الخصائص الجسدية والنفسية والسلوكية الخاصة بالإنسان ، هناك مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية التي بها تتعرف وتكتشف الشخص المدمن من حولك ، ليس للتجني عليه أو أحراجه أو التشهير و التنمر ، ولكن لتقديم العون والمساعدة والتشجيع علي الأقلاع وأتخاذ المسار الصحي الصحيح.. وأبرز هذه السمات التي تظهر علي الفرد المدمن :-
_ الأختفاء المفاجئ والظهور المندفع علي فترات تجاه المواقف والأحداث الأجتماعية
_ كثير العزلة والأنطواء خاصة في غياب المخدر والهروب من المشاركة الأجتماعية
_ ضعيف الثقة بالنفس ، والتهرب من تحمل المڛؤولية والأعتماد علي الأخرين حتي في أبسط الأشياء
_ أنعدام وضوح الهدف في الحياة وكثير الأحباط والنظرة التشاؤمية للمجتمع والنقد الدائم غير مبرر السبب
_أبتعاده عن الواقع مستخدماً الخيال والحيل الدفاعية لأشباع رغباته ودوافعه لتحقيق التوافق
_ كثير الشك والظنون تجاه المواقف والأشخاص، وسريع الأستثارة والأنفعال، متبلد المشاعر والاحاسيس تجاه الأخرين ، ولديه الشعور القاتل بالذنب وجلد الذات
_القابلية للاستهواء والتردد في التفكير وصعوبة أتخاذ القرارات
_ ضعف و مشاكل في العمليات المعرفية من الذاكرة والأدراك والانتباه والتحليل وبطئ الأستجابة للمثيرات
_ سوء النظافة الشخصية وعدم الأهتمام بمظهره الخارجي، غير مرتب ومنظم وأكثر عشوائية في السلوك والتفكير
_الكذب، السرقة، التحرش، كأمراض سلوكية، وبيئة خصبة لأداء الجريمة للكسب غير المشروع حصولأ علي المخدر
_تغيرات في أنماط النوم من نوبات الأرق والنوم الكثير أو المتقطع وأختلال الساعة البيولوجية
_ عرضه للأمراض الذهانية العقلية الخطيرة والاضطرابات النفسية المتنوعة
_ مندفع الشعور والعاطفة والسلوك و الأقدام إلي محاولات الأنتحار أو إيذاء النفس
_كثير التعرض للأمراض الجسدية المختلفة ، هزلية وضعف القوة العضلية والعصبية مع فقدان الوزن التدريجي وأحمرار العينين وشحوب الوجه والجفون
_ضعف الأداء والتركيز في العمل أو الدراسة وكثير الكسل والخمول خاصة فترات النهار
_ أضطرابات ومشاكل علي مستوي العلاقات الأسرية والعائلية والوظيفية والتعرض للأزمات المالية
وهذه السمات أو الأعراض لم تظهر مجمعة علي سلوك المدمن المريض ، فبعضها تظهر وتختفي ثم تعاود الظهور مره أخري أو تستبدل بسمات وأعراض غيرها
« الإدمان » ذوبان جليدي لحياتك إذا وقعت في خيوطه
المحاور الرئيسية في علاج الإدمان
علاج الإدمان رحلة تحتاج إلي التحلي بالصبر والعزيمة من قبل المريض وأقرانه، وتجري خطة العلاج تحت أشراف الطبيب المختص والفريق المعالج في أحد المصحات النفسية أن لزم الأمر أو البقاء بالمنزل وفق أعتبارات يقررها الطبيب بعد البحث لطبيعة الحالة و التشخيص و المناقشة مع أقران المريض ورغبته في مكان تلقي العلاج والألتزام الصارم به علي المحاور الاتية:-
_مرحلة العلاج الطبي والدوائي لأعراض التوقف المفاجئ والانسحاب من المخدر وتشخيص المضاعفات الجسدية من الإدمان بعد أجراء بعض الفحوصات الازمة
_ مرحلة التأهيل النفسي وبرامج العلاج المعرفي السلوكي والثقافي «تعديل السلوك»
_مرحلة التأهيل الدمجي إلي المجتمع
_مرحلة المتابعة والأستشارة السلوكية لمنع الأنتكاس
علاج طبي ، علاج نفسي ، علاج معرفي سلوكي ، علاج طبيعي رياضي ، بجانب الأنشطة والفنون « وحدة علاجية متكاملة للإدمان وتقويم الشخصية »
المشكلة الحقيقة لمواجهة الإدمان تكمن في تكاليف علاجه الباهظة الثمن نظرا لطول رحلة العلاج بالنسبة للبسطاء والطبقات الاجتماعية المتوسطة الدخل أو الفقيرة والذين يمثلون أغلب ضحاياه
الإدمان أحد مشكلات وقضايا المجتمع المصري المعاصر ، وهو مرض لوباء سلوكي ينتقل بالازاحة داخل المجتمع ، علينا بالتثقيف والوعي الذاتي لأنفسنا و للآخرين لمنع الأشتباك بخيوطه والأنزلاق داخل دائرة هلاكه ، لخلق مجتمع صحي منتج قادر على تخطي التحديات وتحقيق النمو والأزدهار .
ولحماية المجتمع المصري من أي مشكلة لظواهر اجتماعية سلبية أخري غير الإدمان نصل نهاية الأمر إلي « أحقية المواطن إلي الأرشاد النفسي والأجتماعي ضرورة لتحقيق حضارية المجتمع »
التعليقات مغلقة.