شبكة أخبار مصر الأن : ENN
بكل فخر و إعتزاز : بوابة أخبار مصر الأولى

الأسرار الخفية خلف حريق سنترال رمسيس.. ما بين خلل تقني وإرث سيادي قديم

شبكة اخبار مصر الان / منه عيسي خميس

الأسرار الخفية خلف حريق سنترال رمسيس.. ما بين خلل تقني وإرث سيادي قديم

في قلب العاصمة المصرية القاهرة، وعلى بُعد خطوات من ميدان رمسيس، اشتعلت النيران داخل أحد أقدم مراكز الاتصالات السيادية في مصر: سنترال رمسيس.
لم يكن مجرد حريق عارض، بل صدمة وطنية كشفت مواطن خلل في البنية التحتية للاتصالات، وأثارت تساؤلات حساسة تتقاطع مع الأمن الرقمي والسيادة الوطنية، وذكّرت بواقعة رفض الرئيس الأسبق حسني مبارك عرضًا أمريكيًا لتطوير السنترال ذاته.

 الحريق الأول: 7/7/2025.. نيران في الطابق السابع

في تمام الساعة السابعة من صباح يوم 7 يوليو 2025، اندلع حريق هائل في الطابق السابع من مبنى سنترال رمسيس، استمر لأكثر من 13 ساعة.
تصاعد الدخان الكثيف في سماء القاهرة، وانقطعت خدمات الإنترنت والهاتف الأرضي عن عدة مناطق، وحدثت اضطرابات في عمل البنوك وأجهزة الصراف الآلي.

الخسائر المعلنة:

  • 4 حالات وفاة

  • أكثر من 30 مصابًا (منهم 7 حالات حرجة)

  • خسائر مادية مبدئية تجاوزت 55 مليون جنيه مصري

رغم إعلان الجهات الرسمية أن السبب يعود إلى ماس كهربائي، إلا أن حجم الأضرار والشلل الرقمي المؤقت أثار شكوكًا واسعة في الشارع والمجتمع التقني.

الأسرار الخفية خلف حريق سنترال رمسيس.. ما بين خلل تقني وإرث سيادي قديم
الأسرار الخفية خلف حريق سنترال رمسيس.. ما بين خلل تقني وإرث سيادي قديم

 الحريق الثاني: رسالة لم تنتهِ بعد

لم تمر سوى 48 ساعة، حتى اندلع حريق ثانٍ في جزء خلفي من السنترال ذاته، ما أعاد القلق إلى الواجهة.
ورغم السيطرة السريعة على الحريق، إلا أن تكرار الاشتعال أثار تساؤلات حول مدى كفاءة أنظمة الحماية والسلامة داخل منشأة بهذا الحجم والأهمية.

 تاريخ مسكوت عنه.. عندما رفض مبارك تحديث السنترال

تشير شهادات هندسية إلى أن الولايات المتحدة عرضت في أوائل الألفينات تمويل مشروع شامل لتحديث سنترال رمسيس، بشرط وجود إشراف جزئي على البنية التحتية.
إلا أن الرئيس الأسبق حسني مبارك رفض هذا العرض، معتبرًا أن إدخال طرف أجنبي في إدارة الاتصالات يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

هذا الرفض لم يُوثّق رسميًا، لكنه ظلّ حيًّا في ذاكرة قطاع الاتصالات، ويُعاد استحضاره اليوم بعد الحريق، لطرح سؤال واضح:

هل كنا بحاجة للتحديث في وقت مبكر؟

 خلل هيكلي أم إهمال مزمن؟

وفقًا لمصادر في قطاع الاتصالات، فإن سنترال رمسيس لم يخضع لأي عملية تطوير شاملة منذ أكثر من 15 عامًا، واقتصرت أعمال الصيانة على ضمان التشغيل لا تحديث الأنظمة.
تشير تقارير غير رسمية إلى:

  • ضعف أنظمة التهوية

  • غياب أجهزة إنذار مبكر

  • عدم وجود نظام إطفاء آلي

  • تخزين مواد حساسة داخل غرف مغلقة

وفي تصريح خاص لـ “شبكة أخبار مصر الآنشبكة أخبار مصر الآن“، قال خبير هندسي رفض ذكر اسمه:

“من غير المقبول أن منشأة بهذا الحجم لا تحتوي على شبكة استشعار حراري أو إطفاء ذاتي. نحن أمام خلل مركب يجمع بين الإهمال وسوء التخطيط الأمني.”

 سنترال رمسيس.. لماذا هو مهم حتى اليوم؟

رغم ما أعلنته الحكومة من أن أغلب الخدمات نُقلت إلى العاصمة الإدارية الجديدة، إلا أن سنترال رمسيس ما زال يخدم مناطق حيوية ومؤسسات حكومية عديدة، لا تزال تعمل عبر شبكات تقليدية.

يُعد السنترال أحد أعمدة ما يُعرف بـ “مفاصل الدولة الرقمية”، حيث:

  • يربط خطوط الهاتف والإنترنت

  • يُعد نقطة اتصال للبنوك

  • يخدم مؤسسات سيادية في القاهرة الكبرى

أي خلل فيه قد يؤدي إلى شلل رقمي مؤقت في قطاعات متعددة.

 أرقام من قلب الكارثة:

  • تعطل أكثر من 4040% من خطوط القاهرة الكبرى بشكل مؤقت

  • خسائر مباشرة في معدات التشغيل والتحكم

  • خسائر غير مباشرة في الخدمات البنكية والحكومية

  • تأخر في تنفيذ المعاملات الإلكترونية لمدة يومين على الأقل

هل الجـن وراء حـ ـريق سنترال رمسيس؟
هل الجـن وراء حـ ـريق سنترال رمسيس؟دروس ما بعد الحريق.. هل بدأنا نتعامل مع الاتصالات كمنشآت سيادية بالفعل؟

الحريقان المتتاليان أثبتا أن البنية التحتية الرقمية في مصر ما زالت معرضة للانهيار عند أول أزمة، وأن أنظمة الحماية المدنية داخل بعض المنشآت لا تزال دون المستوى المطلوب.

إذا كانت المطارات والوزارات السيادية تحظى بأقصى درجات التأمين، فلماذا لا تُعامل مراكز البيانات والاتصالات بنفس الدرجة من الحماية؟


التحوّل الرقمي تحت قيادة الرئيس السيسي.. عصر جديد من السيادة الرقمية

في مقابل الإرث القديم والخلل الذي كشفت عنه أزمة حريق سنترال رمسيس، بدأت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنفيذ مشروع ضخم للتحوّل الرقمي، يهدف إلى إنهاء الاعتماد على البنية التقليدية، وبناء منظومة اتصالات حديثة وآمنة.

أبرز ملامح هذا التحول:

  • إنشاء مركز بيانات عملاق بالعاصمة الإدارية الجديدة يضم أحدث أنظمة الحماية والمراقبة.

  • تدشين سنترالات احتياطية متطورة في مناطق مثل المعادي و6 أكتوبر ومدينة نصر.

  • إطلاق منظومة الخدمات الحكومية الرقمية، وربط الوزارات والمؤسسات بشبكة آمنة موحدة.

  • التوسع في أنظمة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجية 2030.

هذه الخطوات تمثل، بحسب خبراء، نقلة نوعية في فلسفة الدولة تجاه الأمن الرقمي، تؤسس لمستقبل لا يكون فيه مركز واحد نقطة ضعف، بل شبكة متكاملة قائمة على التوزيع، والحماية الذاتية، والسيطرة الوطنية الكاملة.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد