من ثقافة فكرك أعلم مشاعرك تجاهي
بقلم الكاتب.. جوزيف سعد
– الفكر والثقافة عاملان مؤثران في تحديد المشاعر والسلوك تجاه المواقف والأشخاص
– الثقافة و الفكر .. أيهما يقوم بتحديث الآخر؟
– الاختلاف في الفكر ، معرفة في حد ذاته
في عملية تفاعلية دائرية مستمرة بين الأفكار والمشاعر والسلوك ، تتحدد الثقافات والانطباعات والعلاقات علي المستوي الفردي والجماعي والاجتماعي ، لتظهر شكل كل فرد في علاقته مع الآخر ونمط التفاعل بين طبقات وفصائل المجتمع وسياسة كل دولة مع أخري مابين النفور والألفة والتعاون المشترك
العلاقة بين الفكر والثقافة هي وجه إنساني اجتماعي ، تأخذ شكل الصداقة المتلازمة ، فالفكر عندما يعمل ويُفعل ويجد من يتبناه ، تتشكل له عناصر ورموز ومحتوي ينتهي إلي إطار مرجعي يأخد به الأفراد ويتمسكون به عندما يُشعر لهم بذواتهم ويحقق لهم التوافق النفسي والسلام الاجتماعي وهذا مايطلق عليه «الثقافة» والتي تتفاعل مع مستجدات عصرها
ماذا إذا كانت الفكرة خاطئة ، هل ينتج عنها ثقافة ؟ بالطبع لا تستطيع أن تنتج ثقافة بل أنحرافاً أو تشوه فكري ومنه إلي التطرف ، وذلك لأن الثقافة تسير في إطار ما بين
“ الإنسانية والأخلاق والأدب والفنون “
في رقي السلوك الإنساني وتقويمه وتطور مجتمعه للوصول إلي فكر أخر أكثر عمق وأفضل محتوي ثقافي في الحياة الحديثة
عندما تنشأ فكرة ما وتجد من يتبناها تتحول إلي ثقافة ممارسة ومن ثم إلي عادات وتقاليد تتوارث عبر الأجيال وتستمر إلي حين إشعار جيل أخر بفكر جديد ، مثلما يحدث في المجتمع الشرقي في ذلك الزمان كعصر مضغوط بالأفكار ، فنحن نمتلك جيل صاعد بحزمة أفكار سوف تتمكن من تشكيل العادات والتقاليد بشكل مختلف وإعادة صياغة المفاهيم والمعايير من جديد ، حين يصبح تلك الجيل قائم علي الادوار الاجتماعية المتنوعة لينتقل المجتمع إلي مرحلة تفكير أخري من مراحل التفكير الإنساني ، تتبلور منه الثقافة بوضع أخر عن ماسبق من فكر أجيال قائمون أو راحلون
فكرة التربية تنشأ منها ثقافة التعليم و ومحتوي المناهج والأخلاق ، وفكرة الأخلاق نشأت عنها التمسك بثقافة الأديان ، وفكرة الأديان نشأت عنها ثقافة التعبد والطقوس ، فالكل فكرة تداعيات ثقافية يتعلمها ويكتسبها الفرد عبر مرور الأجيال ويتطور وضعها الفكري داخل المجتمع من زمن إلي آخر
الحلم أصل الوجود الإنساني وهكذا في تحقيق الطموح الذاتي للفرد ، فالحلم أو الهدف هو أيضاً فكرة ، والسلوك الذي يقوم بتحقيقها وتدعيمها هي ثقافة ناشئة من رحم تلك الفكرة التي نبتت في بيئة اجتماعية وجغرافية معينة تحيط بالفرد ، ومشاعره هنا هي وليدة افكاره أو عن مستوي الأخفاق أوالبلوغ لتدعيم الفكرة وتحقيقها وممارسة ثقافتها
السلوك الذي يقوم به الفرد هو نتاج ثقافة الفكر والمشاعر ، فالأفكار هي التي تقود المشاعر ومنها إلي السلوك ، فكلما قام الشخص بإثراء أفكار عقله والأرتقاء بها تمتع بمشاعر إيجابية ومنها إلي سلوك هادف ومنتج سوي يعود بالنفع والإيجاب بالبيئة المحيطة وبقبول أجتماعي جيد
علي الرغم من أن الثقافة هي أصول لفكرة معينة راسخة إلا أن يُستمد ويتولد منها افكار فرعية آخري جديدة ومتنوعة في صياغة وتشكيل ثقافات آخري قد تكون أكثر تطوراً تضيف إلي الفكر أو إلي الفكرة ذاتها .
من ثقافة فكرك أعلم مشاعرك تجاهي
كلما تتطلعت أكثر علي ثقافة الفكر الخاصة بالفرد أو بفكر فئة أو جماعة أو مجتمع بعينه ، تستطيع أن تستخلص وتتعرف عن طبيعة المشاعر وأنماط السلوك تجاهك أو تجاه مجتمعك ، مثلما نتطلع علي الفكر السياسي الإسرائيلي تستخلص مشاعرهم وسلوكياتهم تجاه بعض الشعوب العربية والشعب الفلسطيني و بالعكس ، حيث تهتز وتختلف المشاعر والسلوكيات بين شعوب الدول بأختلاف وتغير الفكر السياسي أو الفكر الديني أو الطائفي أو العنصري ما بينهم ، خاصة في مجتمعات الدول الأفرواسيوية أو الشرق الاوسطي أو المجتمعات صاحبة الأيديولوجية المقدسة والجذور التاريخية ، منتجة مشاعر غير مرغوبة لأنماط من التعصب و العنصرية والنزاع
إذا احاطت بك مشكلة أو مشاعر كريهة من شخص ما ستجدها في الأصل والفصل وبعد البحث والاستقصاء أصلها فكرة راسخة متعندة بعيد عن المرونة و ذات الجمود في روابطها الثقافية ، فكلما توافقت الأفكار وتلاقت الثقافات بين شخصين علي مستوي التقارب والتناغم الفكري، تستقر مشاعر الألفة بينهما و يُنتج السلوك الذي يرضي الطرفين ، فالشخص الذي يدرك فكرك يحتل مباشرة مشاعر طيبة بداخل قلبك ، وذلك هو قانون الراحة النفسية وسط التفاعلات الاجتماعية المتنوعة والمعقدة وايضا بين سياسات الدول والمجتمعات
داخل صميم عمق الفكرة وفي مضمون ثقافتها قد تجد الكراهية المغلفة بالحب المقنع ، فأختلاف الايديولوجيات بين البشر هو في الحقيقة أضطراب المشاعر بينهم ، و لا محالة في ذلك داخل المجتمعات التي تبتعد عن مفاهيم العلمانية والتطور الإنساني وتقترب بالأصولية والموروثات الفكرية وتعدد المذاهب والطوائف
اختلاف الفكرة في التربية و التنشئة الاجتماعية بين فرد وأخر قد يُحدث صدام المشاعر بينهما في أقرب موقف معارض
معيار أختيارك لأي شخص بجب أن يتوافق مع أهدافك و اتجاهات فكرك ، يشبه تكوينك النفسي والعقلي و المستوي الأجتماعي والتعليمي ، كي لا تهتز الثقة المتبادلة بينكما ، حيث وجود فروق فردية عميقة التكوين هي حاجز بين التوافق في العلاقات المتطلبة داخل لعبة الثفاعل والاتصال
لأستقراء ثقافة وفكر شخص في تحديد مسار و نوعية المشاعر الموجهة إليك ، يعتمد علي ثقافتك و مهارات التحليل وقدرات البحث الذاتية في دراسة عمق الشخصية بمؤثراتها الخارجية التي عملت علي تشكيلها ومنها مؤثرات اجتماعية ، ثقافية، دينية، تربوية و تعليمية ، وطبيعة العمل أو المهنة التي تعتبر دلالة هامة في التعرف علي الشخصية وعمق افكارها وطبيعة مشاعرها نحو الأخر
من ثقافة فكرك أعلم مشاعرك تجاهي
الحالة الوجدانية للفرد وخاصة المشاعر والاحاسيس هي وليدة عوامل تخص الإنسان من حوله يتأثر بها ومنها :-
– طبيعة الأفكار والثقافة وفقاً لنوع جنسه وعمره
– تعدد وضغوط المسؤولية والسمات الشخصية لمواجهتها
– البيئة الاجتماعية، والطبيعة الجغرافية والبشرية
– نوع المهنة وطبيعة العمل
– الحالة الصحية والجسدية
– المستوي المعيشي
بصرف النظر عن نوع وعمق الفكرة أو محتواها الثقافي عند الشخص ، تجد أن لها تأثير مباشر علي مشاعره وسلوكه ، فإذا كنت بعيداً عن أطار فلسفة فكرته فأنت خارج دائرة الأهتمام بالنسبة له ، لذا ننادي بالمفهوم الإنساني والنظام الاجتماعي الذي يعمل علي الشمولية وتوحيد الفكر بين الأفراد والجماعات وشعوب المجتمعات في أقرب نقطة تلاقي للاتصال بين الأفكار ، لتولد المشاعر الايجابية بينهم وانتاج السلوك المثمر المشترك لبناء المجتمع ورقي الحياة
النظريات الفلسفية والقيم الأدبية والنظم الاجتماعية الحديثة ، تعتبر ثقافة فكر الآخر هي جزء من تكوينك الاجتماعي بحكم التعايش الجمعي والإنساني بينكما ، وبذلك تتلاقي الايديولوجيات المتعددة وتتوحد ثقافتها في سياق اجتماعي تقاربي معاش ، لذا وجب تعديل السلوك وايجابية المشاعر بين الافراد والجماعات، حيث تلاقي الاتجاهات الفكرية بين الاشخاص يحد من سلبية المشاعر بينهم وأن الرؤية الفلسفية الحديثة في ذلك الشأن هي أن الأختلاف في الفكر معرفة في حد ذاته تضيف إلي ثقافة الفرد ومعارفه ، فالمعلومة لاتضر
لتجنب المشاعر السلبية مع الآخر ، أبحث عن نقاط التشابه الفكري بينكما واحترم أوجه الأختلاف و لا تتطرق إليها كثيراً
أولوية المشاعر الإيجابية للانسان في العلاقات الإنسانية الاجتماعية تتجه فور التلاقي الفكري مع الآخر بصرف النظر عن أختلاف نوع العلاقة أو جنس الشخص أو درجة القرابة ، ومع أقرب أختلاف فكري قد تتحول تلك المشاعر إلي حالة شعورية آخري أكثر التهاباً وتوتراً وبشكل سوداوي ، وتأكد أن البداية الجديدة في التعرف علي أي علاقة تصبح موفقة وطيبة لأنها لم تظهر بها عمق الأفكار كي تظهر حقيقة المشاعر .