حوار .. شبكة أخبار مصر الآن – Enn
كرامة الرجل- هل تتحول إلي كبرياء وقسوة أمام المرأة ؟ .. د/ عايدة الجوهري تجيب في حوار
د/ عايدة الجوهري ..
– استاذة جامعية وكاتبة لبنانية
– باحثة في العلوم الإنسانية والاجتماعية
– مستشارة تربوية وأعلامية
– مناهضة لقضايا المرأة العربية
– حاصلة دكتوراة في الاداب واللغة الفرنسية من جامعة السوربون – باريس
– دبلوم دراسات عليا في الألسنية وطرائق تعليم الفرنسية
– لديها العديد من المؤلفات و الأعمال الأدبية المؤثرة في الحراك الثقافي والنضج الاجتماعي داخل القطر العربي
– تحظي بسجل حافل من الأبحاث الاجتماعية لتملك رؤية متكاملة عن سيكولوجية وسوسيولوجية المجتمع العربي وأنثروبولوجيا الإنسان
والذي كان لشبكة أخبار مصر الآن Enn الحوار والمناقشة معها حول الضغوط التي يواجهها المجتمع المصري و اللبناني عن تحديات العلاقة بين المرأة والرجل – لتبرز أهم أفكارها البحثية والأدبية في هذا الصدد والحوار :-
* تحولت العلاقة بين الزوجين إلي علاقة ميكانيكيّة، خالية من الحب والروح وتفتقر إلي “الإلتحام النفسي”
* ماوصلت إليه المرأة من التفوق العقلي والنفسي فهو يتمّ دحضه كل لحظة
* كلما استقلّت المرأة إقتصاديًا، كلما تلاشت حالة التبعيّة التي تحكم العلاقات الزوجيّة التقليديّة
* لدينا امثالاً شعبيّة عديدة كارهة للمرأة وممجدة للرجل
مصر _ لبنان
حوار _ شبكة أخبار مصر الآن Enn
في البداية ..
– «الفجوة الفكرية بين المرأة والرجل» كيف ترين الوجه الحقيقي لهذا الصراع ؟ – وهل في الأصل هو صراع علماني ديني خفي أو غير مباشر ؟
بدايةً أفضل استعمال مصطلح “الفجوة النفسيّة” لتعيين المشكلة التي قد يعاني منها الزوجان، وتؤدي إلى فشل زواجهما، فالزواج الحقيقي الناجح يفترض “الإلتحام النفسي” بين الزوجين، وإلاّ حلّ الصراع الجهري أو المستتر. وليست الفجوة الفكرية بين الزوجين إلاّ أحد مصادر “الفجوة النفسية”، فهي من ضمن مسبباتها لا نتائجها. أمّا مسببات “الفجوة النفسيّة” فهي عديدة وسوف أسمّي أهمها في منظوري، ومنظور العلم
تربية الفتاة العربية على الخوف من الرجل وعلى تصويره ذئبًا يريد افتراسها والإساءة لها، وعليها مجانبته والإحتراز منه. وعندما تتعرف الفتاة إلى شاب، تتعامل معه بكثير من الخشية والإنغلاق، فلا تكتشف طباعه وأذواقه وميوله والعكس. فيتزوجان دون أن يعرف أحدهما الآخر تمام المعرفة، ويبدأ التعارف الفعلي يوم الزواج، ويكون غالبًا قد فات الآوان.
الموروثات والتمثلات الذهنيّة حول أدوار وحقوق وواجبات الجنسين في صياغة العلاقة الزوجيّة بينهما. ذات منشأ ديني وزمني سواء بسواء ، فبالإضافة إلى المقولات الدينيّة المتحولة المعني عن حقيقة المقصد الزمني والموقفي لها مثل “ناقصات عقل ودين”، نجد أيضا امثالاً شعبيّة عديدة كارهة للمرأة وممجدة للرجل
– افتقار المناهج التربوية والتعليمية في الوطن العربي إلي ثقافة التربية الجنسية – هل كان له دور مؤثر في عدم فهم الجنس الآخر وحدوث الصراع الفكري ؟
يعتقد القائمون على التربية في عالمنا العربي أنّ إغماض العين عن ثقافة التربية الجنسيّة، يساهم في ضبط المجتمعات، وهم لا ينتبهون أنّ وسائل التواصل الإجتماعي قدّمت بدائل مشوّهة ومضلّلة ومسيئة أحيانًا.
إعاقة إختلاط الجنسين في جميع مراحل الحياة إختلاطًا سويًا تلقائيًا، فتألف الأنثى وجود الذكر في حياتها، والعكس، يألف الرجل وجود الأنثى في حياته، كشريكين في الوجود على الأرض وفي المجتمع.
بات ملحًا تطبيع العلاقة بين الجنسين منذ الطفولة، مرورًا بسن المراهقة وصولاً إلى سن الزواج وتعويدهما النّظر إلى بعضهما البعض نظرةً إنسانيّة إجتماعيّة بحتة، خالية من الأفكار المسبقة والمخاوف والكراهيّة. فنحن إناثًا وذكورًا مضطرون بحكم دورة الحياة وديناميتها للتعامل اليومي مع بعض في كافة المجالات منذ الصغر لفهم الجنس الآخر ليس فقط في إطار الحب والزواج. ومن شأن هذا التعامل اليومي التلقائي أن ينعكس بدوره على علاقات الحب والزواج.
كرامة الرجل- هل تتحول إلي كبرياء وقسوة أمام المرأة ؟ .. د/ عايدة الجوهري تجيب في حوار
– ما رأيك في قدر الحرية وتغير العقلية التي تمتعت بها المرأة العربية في ظل الحراك الثقافي والاجتماعي الذي يمر به الوطن العربي الأن؟ – هل كان سبباً في حده الصراع الفكري بين المرأة والرجل ، وكيف استقبلت الثقافة الذكورية عن ذلك القدر من الحرية والتغير؟
ماوصلت إليه المرأة من التفوق العقلي والنفسي فهو يتمّ دحضه كل لحظة، أمام الإنجازات التي حققتها وتحققها المرأة العربيّة، بمعنى أنّ ممارسة الرجل لمفهوم القوامة التعسفيّة خصوصًا، يقوم على مفاهيم خاطئة تؤدي إلى تعميق “الفجوة النفسيّة” بين الزوجين.
– “الرجولة” بكرامتها ، وبعنفونها وشرفها ، قد يدفع الذكور إلي القتال والاستبسال – مامدي صحة ذلك في افكارك ؟ – حيث الجسارة ، الصلابة ، الطموح ، إحدي الصفات الجيدة في الرجل – هل لها وجه أخر أمام المرأة ؟
نمط العلاقة التراتبيّة بين الزوج والزوجة، وأحيانًا الحبيب والحبيبة والتي يمارسها الزوج العربي بإسم قوامة الرجال عن النساء، وتفوّق الرجل على المرأة بقواه الجسديّة والعقليّة والنفسيّة، وهذا ما ينفيه الواقع والتاريخ اليومي. فالقوة الجسديّة لم يعد لوجودها دورًا أساسيًا في العمليّات الإنتاجيّة، ويجري الإستثمار أكثر وأكثر بالتكنولوجيا.
– ” الخرس الزوجي والطلاق العاطفي ” تحديات تقابلها الأسرة والمجتمع نتاج الفراغ النفسي و الفكري بين المرأة والرجل ، حيث نجد في بعض الخلافات الزوجية والمشاكل الأسرية ، قد تحتفظ الأمومة ما تبقي من حب مع شريك الحياة الذي يتعامل معها بقسوة من منطلق كرامة الرجل ، وتتحمله بدافع الأمومة والحب والأبناء – ما هو تقديرك لذلك الأمر – وما هو المفهوم الحديث و العصري لكرامة الرجل من وجهه نظرك ؟
الكرامة تتحدد بالإتضاع وتفاهم أختلاف الطرف الآخر والبحث عن أوجه التشابه والوفاق ، فالتفاوت الثقافي والمعرفي يحدث الفجوة ، لأنه يحدث غالبًا أن يقترن رجل متعلّم أو مثقّف بإمرأة دونه معرفةً أو ثقافةً، يسيطر عليها ويتحكّم بها ويمارس فوقيته، فيتّضح له على مرّ الأيام أنه لا يمتلك وإياها المرجعيّات ذاتها، أو المفاهيم ذاتها. فتتحول حواراتهما إلى حوارات الطرشان، فأي إنسجام نفسي نتوقع بين إثنين لا ينظران إلى أمور وظواهر الحياة وأحداثها بنفس المنظار ولا يتكلمان نفس اللغة.
تحولت العلاقة بين الزوجين إلي علاقة ميكانيكيّة، خالية من الحب والروح ،وثمّة أسباب أخرى تؤدي إلى عدم الإنسجام بين الزوجين، تتعلق بسيكولوجيّة الفريقين، فالمرأة العربيّة التي تدرّبت على كبت مشاعرها وعدم الإفصاح عنها، أو حتى الإعتراف بها، تحت مسمّى العيب والحرام، لن تحسن فعل الحب. وكذلك الرجل الذي تربّى على أنّ المرأة ليست سوى أداة لإرضاء رغباته فحسب، لن يعترف بهذه الأخيرة كشريك كامل، ولن يولي أدنى أهميّة رغباتها ككيان إنساني راقي ، وسوف يتعامل معها كوسيلة، مما يضاعف الفجوة العاطفية بينهما بالتالي النفسيّة، إذا سلّمنا بتلازمهما.
الحب الذي هو جوهر ما أسميناه “الإلتحام النفسي” بين الزوجين، لا ينشأ في ظل علاقة تراتبيّة بين سيّد ومسود ، وحاكم ومحكوم، بل بين شخصين ينظر واحدهما إلى الآخر كمساوٍ وندٍ له.
والموضوع في نهاية المطاف يدخل في لعبة علاقات القوة، كلما تعلّمت المرأة وتثقّفت وأنتجت، كلما تعاملت مع الرجل بإدراك ووعي، وتخلّصت من الأغلال التي تكبّل عقلها وروحها وتجعلها غير قادرة على التواصل معه تواصلاً سليمًا.
وكلما استقلّت المرأة إقتصاديًا، كلما تلاشت حالة التبعيّة التي تحكم العلاقات الزوجيّة التقليديّة، والتي تضع المرأة في موضع دوني يجعلها تسعى إلى إسترضاء الرجل وتلبية أهوائه ونزواته، دون حب أو ودٍ حقيقيين أو فعليين، ما من شأنه خلق علاقة واهنة وغير متكافئة، تحول دون ما أسميناه “الإلتحام النفسي”.
كرامة الرجل- هل تتحول إلي كبرياء وقسوة أمام المرأة ؟ .. د/ عايدة الجوهري تجيب في حوار
– صورة الأم في السرد العربي – دروس شهرزاد .. إحدي مؤلفاتك الكتابية والأدبية المؤثرة في الوسط الأدبي والحراك الثقافي – كيف كانت رؤيتك الفلسفية والنقدية عن الواقع الاجتماعي للمرأة والرجل؟
عن كتابي “دروس شهرزاد” ” فقد كان دخولي عالم ألف ليلة وليلة لم يكن سهلاً، لأنه عالم واسع جداً، فنحن نتحدث عن قصة شهرزاد وشهريار، وعن سرد استمر ألف ليلة وليلة، وتضمن 288 حكاية، والحكايات لا تشمل الثقافة العربية الإسلامية فحسب، بل تاريخ من الثقافات، المصرية، البابلية، البيزنطية والفرعونية وغيرها، حيث بدأت تدريجياً الدخول في ‘عوالم‘ ألف ليلة وليلة”.
افتراض هو أن شهرزاد تأتي كأفق جندري مغاير لزمانها، ولا تشبه النساء التقليديات، لتنعكس في أفق إشكالي معاصر، فلو كانت امرأة تقليدية لسمحت لشهريار بقتلها “النساء اللواتي تم سوقهن للذبح هن نساء تقليديات، فهي غير مطابقة للأدوار والخصال والجندرية، وهي ليست امرأة خاضعة، مستسلمة، مترددة، وهو ما أثبته في بحثي”.
“درست شخصية شهرزاد، كونها العالمة الأبرز في عوالم ألف ليلة وليلة، فاستطاعت لوحدها تغيير مسار المدينة ومسار شهريار نفسه وتغيير تاريخ البلاد والنساء، وأنقذت بنات جنسها بفضل معرفتها؛ لأنها امرأة مثقفة، ولا تشبه النموذج النسائي التقليدي، وتتمتع بخصال نفسية وعقلية استثنائية”.
تحياتي.. سعدنا بلقاءِك الثري
شبكة أخبار مصر الأن – Enn
إعداد الكاتب / جوزيف سعد