جوزيف سعد .. علي رجال الدين التحلي بمداخل العلوم الإنسانية والتربوية ومبادئ الصحة النفسية للتواصل المثمر مع رعاياهم
ننتظر ثورة إخناتون من رجال الدين ..
الأخصائي الاجتماعي أو الطبيب النفسي هو صديق العيلة الصدوق في المجتمعات المتقدمة، لما يحمله من خبرات و مؤهلات مهنية وتجارب بشرية و تحقيق طفرة إنسانية داخل مجتمعه ، في مجتمعنا المصري الوضع يختلف ، رجل الدين هو الصديق الصدوق والطبيب النفسي للمواطن ، في الواقع لا يختلف رجل الدين أهمية عنه في شئ سوي التوصيف المجتمعي في مكانته داخل حياة الفرد أو الأسرة، وفي فارق خبرات المؤهلات الدراسية والتعليمية في كيفية التفاعل مع جوانب المكون الإنساني من جسد وعقل وروح أثناء التواصل مع الجمهور
الإنسان وحدة متكاملة من مكونات عديدة ، مكون نفسي ، جسدي ، عقلي ، اجتماعي ، تلك المكونات في تناغم موسيقي وسجع شاعري ، في تحقيق التوازن الداخلي للإنسان ، تجمع ما بين تلك المكونات معادلة كيميائية الروابط ، علي الفرد إدراكها من قِبل متخصص ومؤهل في كيفية الحفاظ أو الوصول لذلك التناغم الموسيقي وسجع التناسق الشاعري بشكل توافقي مع كلا من النفس والمجتمع، لأحساس الفرد بقيمة وتحقيق الكيان الإنساني العام لذاته، ورجل الدين يفتقد المهارة التربوية والنفسية في تحقيق معادلة التوازن الكميائي بين مكونات جوانب الأنسان في بيئته ، ليس تقليلاً من شأنه ولكن وصف للشأن التربوي الاجتماعي في المجتمع والقائمين به من مؤهلين أو غير مؤهلين
تحقيق توافق الإنسان لنوع البيئة التي يعيش فيها وإثراء عقله من محتواها المتغير في صناعة الشخصية المبدعة التي بطبيعتها تسعي بلا قيود علي بلوغ أعلي مستويات الصحة الوجدانية والمرونة الفكرية والتوافق الاجتماعي الجيد .. تلك عملية أحترافية من قبل متخصصين مؤهلين وليس من قبل متدينين عفويين تتواصل مع الجمهور بشكل شبه مستمر في المجتمع دون خلفية مؤهلة من العلوم الإنسانية والاجتماعية والدرجات التأهيلية
مكون نفسي.. مكون جسدي.. مكون عقلي.. مكون اجتماعي، أشباع مكون علي حساب مكون آخر من تلك المكونات كما يحدث في طبيعة الحياة المصرية نتاجه الأضطراب، وقتها يشعر الفرد أنه هناك شئ ينقصه أو أنه غير سعيد أو أنه في حالة ليس علي مايرام ، أضافة أيضا إلي أنه لا يجد التفسير والسبب الحقيقي لتلك الحالة الشعورية التي في حد ذاتها تمثل عبئاً أخر في زيادة الأضطراب حده
والسبب الحقيقي لذلك الأضطراب الغامض الذي يشعر به الفرد هو في عدم إدراكه وفهمه في معادلة التوازن بين مكوناته الإنسانية أو في غياب أكتساب مهارة أكتشاف الذات لتحقيق توازن المعادلة ، والتي يعجز البعض من رجال الدين الغير مؤهلين علمياً في اكسابها للفرد حين يصبح مرشده النفسي والاجتماعي في ظروف حياته، فهو قدر ما يستطيع تحقيقه هو أشباع المكون النفسي والروحي فقط في المعادلة دون اشباع احتياجات جوانب المكونات الآخري
أي أعاقة في تحقيق التناغم والتناسق في المعادلة بين مكونات جوانب الكائن الإنساني ، نجد أن اللوحة الكهربائية للإنسان وهي العقل و المتحكمة في التوازن الكميائي بين تلك المكونات تضطرب وتريد أن تعمل لأزالة الأعاقة تلقائياً ، مفاتيح تلك اللوحة في يد مهارة الأخصائي أو الطبيب النفسي وليس في يد قدسيه رجل الدين الذي يعتبره الكثير من المواطنين الطبيب النفسي أو الأب الروحي الخاص به وللأسرة
نظرة المجتمع المصري بأن الفرد القادر علي التعامل والتفاعل مع الجمهور هو وليد لحظة كهنوته أو مشيخته أو بداية حصولة علي مؤهلة الديني، تلك القناعة علينا مراجعتها ووضعها تحت الميكروسكوب العلمي«العلوم الانسانية والاجتماعية » فتمتع رجل الدين ولو بقدر بسيط من تلك العلوم ومداخلها له نتاج أيجابي فعال ومثمر في نفوس أفراد وجماعات المجتمع وفي أعداد أجياله الواعده
جوزيف سعد .. علي رجال الدين التحلي بمداخل العلوم الإنسانية والتربوية ومبادئ الصحة النفسية للتواصل المثمر مع رعاياهم
رجل الدين عنصر تربوي مؤثر في الحياة الاجتماعية عليه التقويم من ذاته بأستمرار
يخشى رجل الدين في دوره التربوي داخل المجتمع نظرة الحاضر وتغييرات المستقبل بطفراته الفكرية، يرهب مواجهة نظريات التطور العقلي والمعرفي ويعتبره خروجاََ عن المألوف
ما يقدمه رجل الدين إلى الإنسانية في ثوبها الحاضر مَاهو إلا دوراََ تاريخياََ لتراث فكري ، لذا وجب عليه التجديد الوظيفي لمواكبة تطور َالمستقبل القريب والبعيد
ما نادي به الرئيس المصري« عبد الفتاح السيسي» من تجديد الخطاب الديني، هو في الأصل تجديد فكر رجل الدين وتحليه بالدراية بالعلوم الانسانية والتربوية والفلسفة الخلاقة
نهج رجل الدين يقتصر النظر إلى ماهو يدعمه من التاريخ والأستناد على قصصه ونصوصه الزمنية وعلى آراء أفكار المتدينين من تاريخ الأديان جعله لايعبر عن حداثة تربوية لفلسفة الأجيال الحالية والصاعدة
الأديان الآن دون تجديد في أسلوب تلقينها وسردها
لا تواكب نسق القيم التي تشكلت الأن بفعل التغير الأجتماعي الجيلي ، نتاج تحديثات المعرفة التكنولوجية الهائلة، فقط تعتمد على سرد تاريخها وقصصها وتستمد منهما روحانياتها من رؤية فكر رجل الدين التي لاتتماشي مع التكوينية النفسية للنفس البشرية في ثوبها العصري والزمني الحاضر
البعض من المؤسسات الدينية تعتمد على علم التاريخ والتراث وتظن أن علوم النفس والفلسفة غير مؤثرة، لذلك أختلت البعض من موازنها أمام عقول أفراد التطور والعصر، والذي أصبح الإلحاد إحدى نتاج ذلك، لقصور رجال الدين من مهارات وقدرات التواصل العقلي والجسدي والنفسي والاجتماعي في آن واحد ، وذلك بالعلم الإنساني الشمولي الحقيقي بمعرفة التكوينية العقلية الجيلية التي أصبحت مترابطة مع العالم بشبكة عنكبوتية بالمعرفة والثقافات المتنوعة والمتشابكة، والتي أصبح لها دوراََ بارزاََ في تشكيل العقل الإنساني من جديد وبالتالي تنعكس على سلوكه منتجاََ ظواهر اجتماعية جديدة مألوفة أو غير مألوفة، تقف الأديان عاجزة على التعامل معها ، نظراً لأمتثالها بنصوصها الفكرية لرجال الدين القدامي الراحلين أو الحداثة المعاصرين دون تجديد
جوزيف سعد .. علي رجال الدين التحلي بمداخل العلوم الإنسانية والتربوية ومبادئ الصحة النفسية للتواصل المثمر مع رعاياهم
سند رجال الدين هو تاريخ الماضي وليس التأريخ للمستقبل، سند تراثي متمثل في موروثات ثقافية، ضعفت وتلاشت البعض من أفكارها، والتي أعتبرتها العقلية الجيلية الجديدة فتور فكري وعقلي للتطور المجتمعي، إلى جانب أن فلسفة ونهج كل رجل دين يحتكر الإنسانية في ثقافته الدينية أو الطائفية الخاصة دون النظر برؤية شمولية لمخاطبة الأنسانية بمختلف قدراتها وصفاتها وجنسيتها داخل المجتمع
فلسفة رجل الدين تنظر إلى أفكار أباء وفقهاء الماضي ولاتنظر إلى أفكار مفكرين المستقبل، فنهج الفكر وتفسيراته ثابتة والأجيال متغيرة لذلك وجب عليه الأضطرار للتجديد والحداثة والنظر إلي أفق بعيده وربطها بقدسية الروح والعقيده وأن لايقف فقط على نقل تاريخ النص ،بل يعتمد على أعمال العقل والفكر العصري في تفسير قرائته وفقا لبصمة الأزمان ، وتلك مسألة تربوية فلسفية تخص العلوم الإنسانية لذا وجب علي رجل الدين التحلي بها كخارطة طريق للتجديد في التواصل المثمر مع رعاياه
نهاية الأمر محتوي الهدف من السطور.. لا نستطيع العيش بدون رجل الدين لأننا مجتمع متدين الطبع بالفطرة منذ مصر القديمة، نحن ننتظر بلهف وشغف ثورة اخناتون من الكهنة والشيوخ ، ونريدهم بصورة عصرية علمية وعملية في الفكر التربوي لإثراء عقل الجمهور والمواطنين لاشباع المكون الروحي والنفسي منسجماً مع باقي جوانب المكونات الآخري للإنسان من عقلي وجسدي واجتماعي في وحدة متكاملة مترابطة كي يستطيع الفرد تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي. لذاته داخل أسرته و مجتمعه بصورة عصرية
.. لسنا شياطين أو ملحدين أو أعداء دين .. وإلي هذا الحد وكفي الإسقاط والأدانه علي الكتاب والمفكرين .. فقط نريد أكتمال المجتمع بأفراده في أفضل منتج تربوي فعال لأحداث الفارق الحضاري بين الدول والمجتمعات وتحقيق النهضة البشرية والبنية العقلية لمصر