الحرية والأبداع تحت ظل الضوابط الاجتماعية والموروثات الفكرية
جوزيف سعد
كلما كان الإنسان أكتر تحرر في الفكر ، كلما أصبح أكثر تحكم في السلوك، تحت ظل الوعي والمعرفة والأخلاق والبعد عن القيود الفكرية ، وقمة النضج النفسي و الوجداني للفرد في أن يعيش كما يفكر وبداية أضطرابه أن يفكر كما يعيش ، حيث حرية الإنسان هي منشأ خلق الأبداع ومنه إلي التطور ونهج التحديث للمجتمع .
«تلك السطور الزرقاء» رؤية فلسفية وقاعدة سيكولوجية كانت همزة الوصل ونقطة التحول الفارقة في تطور وتحول حياة شعوب بعض المجتمعات نحو النمو والأزدهار الحضاري ، وكانت تلك المجتمعات جدية التنفيذ وجيدة التوفيق في تلك الطفرة الإنسانية الخالية من أي شوائب جينية الفكر والثقافة في التوريث، بحكم أن النسق و البنيان القيمي يتشكل وفق طبيعة وأختلاف الأجيال وتطلعاتهم كمعادلة كيميائية في علم الأجتماع .
الأنسان له جانبان للحرية ، حرية الفكر وحرية السلوك فهناك فكر نتج عن حرية في السلوك ، وسلوك نتج عن حرية في الفكر، وحرية الفكر والسلوك ليس تعني أن يشتهي الفرد كما يشاء ، بقدر أن يتعلم أن ينتقي بكامل حريته كيف ومتي يشتهي و يختار بما لائق أو لا يليق تحت ظل الضوابط الفكرية و ليس القيود الفكرية وحرية القرار والأختيار تتم علي مستوي الفرد والجماعة والمجتمع بالمعرفة والعلم والوعي ، بعيداً عن قيود الموروثات الفكرية المطلقة التي قد لا تعبر عن أحلام الزمن من التغيير الجيلي ، فالمجتمع الذي يجهل قيمة التجديد ينظر إلي التاريخ ويقوم بتكراره ، وترميم الموروثات الفكرية يكمن عبر حرية تجديدها، فالحرية أبداع في حياة الشعوب ، و الحفاظ علي الموروث التاريخي يتمثل في كتابة مستقبله دون قيوده السابقة والحرية تخلو من موروثات القيود
أنتقلت مراحل التفكير الإنساني منذ فجر التاريخ من التفكير الخرافي إلي التفكير الأبداعي المتمثل لعصرنا الحالي ماراً بمراحل تفكير عده منها التفكير الديني، التفكير العلمي، التفكير الفلسفي إلي الفكر الأبداعي الأن ، وفي كل مرحلة تطور فكري كانت الحرية هي جسر الأنتقال من مرحلة إلي أخري في التفكير وهنا يظهر الفارق بين المجتمعات .
الحرية والأبداع تحت ظل الضوابط الاجتماعية والموروثات الفكرية
الحرية خالية من القيود الفكرية ومليئة بالمسؤولية الأجتماعية تحت ظل الضوابط والأخلاق ،فعليك أن تفرق بين القيود والضوابط حتي يستلهم فكرك المعني الحقيقي للحرية ، وعلينا أن لا ننظر إلي الأعراض الجانبية للحرية حيث لها ضمير فطري يحكمها، وبذلك تصبح الحرية صانعة الأبداع في السلوك الفردي والجمعي داخل المجتمع، ولا حرية صانعة للأبداع تحت تأثير قيد لموروث فكري ينتج عنه ضغط نفسي .
الحرية تؤمن بالمبادئ الشخصية للفرد ولا تجعل صاحبها يتأثر بأراء الأخرين نحوه ، وحرية الفكر تمرين عقلي لقوة الشخصية نحو الكفاح والوصول إلى مرحلة الأبداع، إلي جانب خلو الفرد والمجتمع من المشكلات النفسية والأجتماعية تحت تأثير الحرية، وتطور سلوك الإنسان ينتج عن فكر خالي من قيوده في ظل مبادئه ومسؤوليته .
الحرية والأبداع تحت ظل الضوابط الاجتماعية والموروثات الفكرية
” الأنسان حر فيما لا يضر” أسلوب عتيق عن الحرية ولكنه صحيح، فالفرد له أراءه و فلسفته وحقه أن يسردها لمن حوله للتعبير عن الذات كحق مشروع ، دون الأساءه أو الخدش أو حتي التلاعب بالنوايا والأتجاهات ، لك مساحة فكرية ذاتية لاحدود لها لنفسك ولها دائرة أجتماعية لا تتخطي عنها، ليس يعني أن كما لك حرية فكر وتعبير أن يتاح لك أنطلاقة في السلوك .
الحرية والرغبة في الأبداع لا تعني بالضرورة رفض تام لموروثنا الثقافي والأجتماعي الذي قد يعوق البعض من دوافعنا وأحلامنا التي نريدها في الخفاء دون الأفصاح عنها وهي في الأصل داخل العلوم الإنسانية دوافع وأحلام مشروعة ، لذا علينا التقويم لموروثاتنا وكسر ما بها من قيود وتحجر .
قيود الموروثات الفكرية + ضغوط العصر =أضطرابات نفسية وطمس الحرية والأبداع
( القيود لاتستطيع التعامل مع الضغوط) كحالة سيكولوجية سوسيولوجية
وهنا علينا بوضوح أن نصوغ النصوص ونعيد ترتيب الأوراق بكامل الحرية ومنها إلي الأبداع في أعادة التشكيل والتنسيق بشكل عصري تطوري ، ومعرفة مدي أستجابة المجتمع نحو ذلك ، فمجتمعنا المصري في حاجة ماسة إلي النظر والمناقشة تجاه :-
_ تحديث هويته
_ تجديد الخطاب الديني
_ التوافقية العلمانية
_ النضج السياسي
_ البحث الجيد في قوانين الأحوال الشخصية
_ النظر إلي العلوم الإنسانية و الاجتماعية كمرجع ثانوي في تشريع الدستور وسن القوانين