أمي الحبيبة.. وقد ذهب معكِ قلبي

بقلم الكاتب / جوزيف سعد
شبكة اخبار مصر الآن

أفتخر بأنني ثمرة بطنك زرع أحشاءِك ..
أفتخر أنني من صُنع أمي
أيقنت في فراقك أن الأحبار كالدموع ، يمكن للقلم أن يحزن وقت رثاءِك ، سلبتي قلبي وقت أفتقادِك وأصبح كياني خالي خاوي عن مضخة تروي روحه وجسده بالحياة
أين أجد الدلع و الدلال وأنا في أزلال عن البحث عنه ؟ كيف أجد المصدر الطبيعي عن الحنان ؟ وأين تُشتري وتُباع سلامة وسكينة الوجدان ؟
فقدت نظرة الدفء وكلمات الحب ، خسرت طفولتي التي كنت أعيش بها في ظل وجودك ، فقد شاخ وشاب عمري و قفز السنين ، ففي غيابك أيقنت أنني لست صغيرا مدللاً أو طفلاً مرفهاً
عصفور فقد عشه و طير كسرت جناحه ، ملاك خرج من جنته ، رسام فقد لوحته البديعة ، فنان بلا إبداع ، رجل بلا شهامه ، شروق بلا شمس ، سماء دون نجوم ، وقمر حزين ليلة فراقك .
يشجو قلمي في رثاءِك ويثقل لساني عن عزاكِ ، يهتز كياني وقت إدراكي بأنني أصبحت بلا أم ، أصبحت بلا قلب ينبض و عقل يفكر ، تحولت إلي إنسان يعيش وحيداً بعيداً عن التحدث في الأحلام والتطلعات ، وعن الأفراح والأحزان ، ذهبتي وفقدت شريكاً معي في الأغوار ، فقدت صدق اللحظات وعمق المعاني
أمي الحبيبة.. وقد ذهب معكِ قلبي

حقا يشيخ الإنسان وقت فراق أمه ، ويظل يعيش في إناء فارغ إلي مواته ، فالعوض ليس له بديل والدفء ليس له مثيل
همس كلماتك و عطر روحك يحيط بي كل ليله ، يذكرني بالصبر و يواسيني بالعزاء عن زمن افتقاد و عن سنين سأبقي بها أعيش دون حياتك طالة عمري
أيقنت جيداً أن رثاء الأم ليس هين أو لين ، أيام تلو أيام عن انقطاع أنفاسك من حياتي ، وكيف تبدو باق أيام عمري دون همس روحك ؟
فقدت حدس الخير وخسرت حث الضمير ، أيقنت وجه غامض عن الحزن العميق لم أشعر مثله عن مشقة رحلتي في حياتي
لدي أمانة عندك وهي قلبي الذي أخذته معكِ وقت فراقك عن الأرض ، في غمض العين تركتيني فأعيش إنسان بقلب لا يحويه المشاعر وبلا دستور يمنحه حقوق الحياة
أمي الحبيبة.. وقد ذهب معكِ قلبي

في حياتنا ناس هم الأساس ، أنتِ أولهم وآخرهم ، حتي في مواتك أنتِ عن مقدمة الصفوف تظلي وعلي كرسي العرش تبقي ، دائما في حياتي بخيالي وفي عقلي بمفكرتي
أفتخر بأنني ثمرة بطنك زرع احشائك ، حصاد كفاحك طيلة حياة وجهاد عمرك ، أشكرك أنكِ أنجبتي كاتباُ خادماً لوطنه صنيعة كفاحِك ، يسيل من حبر قلمه سحر أخلاقك وتربيتك ، ويبقي في مكاني و زماني أفتخر متحدثاً رافعاً راية.. ” أنني من صُنع أمي ولا أحد سواها صنعني”